عرض على اللجنة الاستفتاء المقدّم من السيد/عبد الله، ونصه كالآتي:
هل يجوز التوسل بجاه النبي أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء، كقوله أحدهم: رب اغفر لي بجاه محمد أو بحق محمد أو بحبك إياه، وما صحة الحديث: (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) وما تفسير قوله تعالى: { ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما }() وهل هذا خاص في حياته أم بعد مماته؟ كما يقال: إن البعض يذهب إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول: يا رب اشفع لي بجاه نبيك، استدلالاً بالآية الآنفة الذكر، وما صحة حديث العتبي الذي دعا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فغفر له، وأرجو الإحاطة بهذا الموضوع لأن أكثر ما يكون به أخذ ورد، وأرجو ذكر أنواع التوسل المشروعة ومتى يكون فيه شرك.
وجزاكم الله خيراً.
* أجابت اللجنة بما يلي:
إن الأصل أن يدعو المسلم ربه ويتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وبصالح العمل، وأما التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو حقه فقد اختلف العلماء في جواز ذلك، والأحوط تركه خروجاً من الخلاف، وأما حديث (توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم) قال ابن تيمية رحمه الله: هذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث، مع أن جاهـه عند اللـه تعالى أعظم من جاه جميع الأنبياء والمرسلين أ.هـ.
وأما تفسير قوله تعالى: { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً }().
فأما الآية فسياقها في شأن المنافقين الذين كانوا يحلفون كاذبين ليصدقهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما يظهرون له من الأعذار، فهي دعوة لهم للمجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم، أما خبر العتبي وأمثاله فهي قصص تاريخية لا يؤخذ منها حكم لأن الحكم يؤخذ من النصوص الشرعية وما في حكمها، وكثير من هذه القصص لم يثبت على أصول أهل الحديث، ولمعرفة أنواع التوسل المشروعة والممنوعة يرجع إلى كتاب التوسل والوسيلة لابن تيمية، مع كتب أخرى مخالفة له في بعض ما ذهب إليه منها كتاب محقق النقول في مسألة التوسل للكوثري.
والله أعلم.
* * *